سورة الشعراء - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{فَإِنَّهُمْ} أي الأصنام {عَدُوٌّ لِى} العدو والصديق يجيئان في معنى الوحدة والجماعة يعني لو عبدتهم لكانوا أعداء لي في يوم القيامة كقوله {سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} [مريم: 82] وقال الفراء: هو من المقلوب أي فإني عدوهم. وفي قوله {عدو لي} دون (لكم) زيادة نصح ليكون أدعى لهم إلى القبول، ولو قال (فإنهم عدو لكم) لم يكن بتلك المثابة {إِلاَّ رَبَّ العالمين} استثناء منقطع لأنه لم يدخل تحت الأعداء كأنه قال: لكن رب العالمين.
{الذى خَلَقَنِى} بالتكوين في القرار المكين {فَهُوَ يَهْدِينِ} لمناهج الدنيا ولمصالح الدين والاستقبال في يهديني مع سبق العناية لأنه يحتمل يهديني للأهم الأفضل والأتم الأكمل، أو الذي خلقني لأسباب خدمته فهو يهديني إلى آداب خلته {والذى هُوَ يُطْعِمُنِى} أضاف الإطعام إلى ولي الإنعام لأن الركون إلى الأسباب عادة الأنعام {وَيَسْقِينِ} قال ابن عطاء: هو الذي يحييني بطعامه ويرويني بشرابه {وَإِذَا مَرِضْتُ} وإنما لم يقل أمرضني لأنه قصد الذكر بلسان الشكر فلم يضف إليه ما يقتضي الضر. قال ابن عطاء: وإذا مرضت برؤية الخلق {فَهُوَ يَشْفِينِ} بمشاهدة الحق. قال الصادق: إذا مرضت برؤية الأفعال فهو يشفين بكشف منة الإفضال {والذى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ} ولم يقل إذا مت لأنه الخروج من حبس البلاء ودار الفناء إلى روض البقاء لوعد اللقاء. وأدخل (ثم) في الإحياء لتراخيه عن الإفناء، وأدخل الفاء في الهداية والشفاء لأنهما يعقبان الخلق والمرض لامعاً معاً. {والذى أَطْمَعُ} طمع العبيد في الموالي بالإفضال لا على الاستحقاق بالسؤال {أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى} قيل: هو قوله {إِنّى سَقِيمٌ} [الصافات: 89] {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 63] {هذا رَبّى} [الأنعام: 67] للبازغ هي أختي لسارة، وما هي إلا معاريض جائزة وليست بخطايا يطلب لها الاستغفار، واستغفار الأنبياء تواضع منهم لربهم وهضم لأنفسهم وتعليم للأمم في طلب المغفرة، {يَوْمَ الدين} يوم الجزاء.


{رَبّ هَبْ لِى حُكْماً} حكمة أو حكماً بين الناس بالحق أو نبوة لأن النبي عليه السلام ذو حكمة وذو حكم بين عباد الله {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} أي الأنبياء ولقد أجابه حيث قال: {وَإِنَّهُ فِى الآخرة لَمِنَ الصالحين} [البقرة: 30] {واجعل لّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الآخرين} أي ثناء حسناً وذكراً جميلاً في الأمم التي تجيء بعدي فأعطي ذلك فكل أهل دين يتولونه ويثنون عليه، ووضع اللسان موضع القول لأن القول يكون به.
{واجعلنى مِن} يتعلق بمحذوف أي وارثاً من {وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم} أي من الباقين فيها {واغفر لأبِى} اجعله أهل المغفرة بإعطاء الإسلام وكان وعده الإسلام يوم فارقه {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضالين} الكافرين {وَلاَ تُخْزِنِى} الإخزاء من الخزي وهو الهوان أو من الخزاية وهو الحياء وهذا نحو الاستغفار كما بينا {يَوْمِ يُبْعَثُونَ} الضمير فيه للعباد لأنه معلوم، أو للضالين وأن يجعل من جملة الاستغفار لأبيه أي ولا تخزني في يوم يبعث الضالون وأبي فيهم {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ} هو بدل من يوم الأول {وَلاَ بَنُونَ} أحداً {إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} عن الكفر والنفاق وقلب الكافر والمنافق مريض لقوله تعالى: {فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} [البقرة: 10] أي إن المال إذا صرف في وجوه البر وبنوه صالحون فإنه ينتفع به وبهم سليم القلب، أو جعل المال والبنون في معنى الغني كأنه قيل: يوم لا ينفع غنى إلا غنى من أتى الله بقلب سليم لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه. وقد جعل {من} مفعولاً ل {ينفع} أي لا ينفع مال ولا بنون إلا رجلاً سلم قلبه مع ماله حيث أنفقه في طاعة الله، ومع بنيه حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع. ويجوز على هذا إلا من أتى الله بقلب سليم من فتنة المال والبنين. وقد صوب الجليل استثاء الخليل إكراماً له ثم جعله صفة له في قوله: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات: 84] وما أحسن ما رتب عليه السلام كلامه مع المشركين حيث سألهم أولاً عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم، ثم أقبل على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأخرجه من أن يكون شبهة فضلاً عن أن يكون حجة، ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلّص منها إلى ذكر الله تعالى فعظم شأنه وعدد نعمته من حين إنشائه إلى وقت وفاته مع ما يرجّي في الآخرة من رحمته، ثم أتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين وابتهل إليه ابتهال الأوابين، ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال وتمني الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا.


{وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} أي قربت عطف جملة على جملة أي تزلف من موقف السعداء فينظرون إليها {وَبُرّزَتِ الجحيم} أي أظهرت حتى يكاد يأخذهم لهبها {لِلْغَاوِينَ} للكافرين {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ} يوبخون على إشراكهم فيقال لهم أين آلهتكم هل ينفعونكم بنصرتهم لكم، أو هل ينفعون أنفسهم بانتصارهم لأنهم وآلهتهم وقود النار.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8